الخُلُق عند الغربيين
الخُلُق عند الغربيين يختلف عنه عند المسلمين ، لا من حيث السلوكُ الظاهرُ فقط ، بل من حيث مصدرُه ، ومستندُه ، وثباته .
يقول رينيه لوسن ، معرِّفاً الخُلُق : " تحديد السلوك الإنساني … من الذات ، بوصفه محدداً للقيمة " .
أي الذات هي التي تحدد مُثُلاً معينة ، ثم تسعى لبلوغها .
ويقول فولكييه : الخلق " مجموع قواعد السلوك ، التي بمراعاتها يمكن للإنسان بلوغ غايته " .
ومن هذين التعريفين المنطلقين من الجو الأخلاقي الذي فرضته مدرسة العلوم الاجتماعية الفرنسية على الغرب قاطبة ، وهو جو يؤمن معتنقوه بأنَّه ليس في الدنيا ثابت ،بل كلُّ شيءٍ قابلٌ للتطور والتغير ، حتى العقائد ، والقيم ، والأخلاق ، إذ كلُّها في نظرهم تخضع لتقلب الأحوال ، وتحكم الرغبات ، وتغير الحاجات ، واختلاف المصالح ، فالكذب ، عندهم ، قد يكون محموداً إذا تغيرت نظرة النَّاس إليه ، والخداع قد يكون مطلوباً إذا تعلقت مصالح النَّاس به ، والفواحش لا بأس أن تكون مُرَغَّباً فيها إذا استساغها المجتمع ، وهكذا ، تنقلب الفضيلة رذيلة ، والرذيلة فضيلة ، حسب الأهواء والرغبات ، وتغير التقاليد والعادات .
لذلك لا بدَّ من التنبه إلى الفروق الجوهرية العميقة بين الأخلاق عندنا وعندهم ، ويتضح ذلك من خلال إعادة النظر في نظرتهم إلى الأخلاق ، ومقارنة ذلك بما عندنا ، وأهم هذه الفروق :
1-الاعتماد عند الغربيين في قياس الأخلاق على ذواتهم المتقلبة المتغيرة ، المنحرفة عن الفطرة ، بعيداً عن الوحي ، مقطوعة الصلة بالله تعالى ، بعيدة عن القيم الربّانية ، التي لا تحيد ولا تبتعد عن الحقّ .
2-الهدف من الأخلاق عند الغربيين بلوغهم المنفعة التي يرسمها كلُّ إنسان لنفسه .
3-ليس في الأخلاق عند الغربيين خصيصةُ الثبات ، بل هي قابلةٌ للتحول والتغير بحسب اختلاف الزمان والمكان والمصلحة .
أحمد بن عبدالعزيز الحمدان